على الرغم من مضيّ أكثر من مئة عام على غرق التايتانيك، السفينة الأشهر في التاريخ، لا تزال قصّتها تحفر عميقًا في نفوس الجميع حول العالم. لقد كانت التايتانيك حينها بمثابة إنجاز قامت به شركة White Star Line، حيث عمدت إلى بنائها على أيدي أمهر المهندسين وأكثرهم خبرة، وقد استخدمت في صناعتها أكثر أنواع التقنيات تقدّمًا، حتى ساد الاعتقاد بأنها السفينة التي لا يمكن إغراقها، لذا كان غرقها صدمة كبرى للجميع لأنها قد زوّدت بأعلى معايير السلامة.
التايتانيك، التي انطلقت في العاشر من نيسان 1912، وعلى الرغم من كل ما بذل في سبيل جعلها أكبر وأضخم وأهم سفينة نقل ركاب في ذلك الوقت وأكثرها أمانًا، لم تتمكن من المحافظة على حياة مَن كانوا عليها أكثر من أربعة أيام وعدد قليل من الساعات، فغرقت صباح الخامس عشر من نيسان/أبريل، في رحلتها الأولى.
أما سبب الغرق، فكان غرور أصحابها الذي أودى بهم إلى الكارثة... هذا الغرور الذي ما كان ليتضخّم لولا الصحافة... نعم، الصحافة كانت السبب غير المباشر حينها، فقد أراد صاحب الشركة أن يبهر الصحافة العالمية، التي غطّت حدث انطلاق الرحلة الأولى للتايتانيك، فطلب من قبطانها الضغط على المحرّكات الجديدة واستخدام السرعة القصوى، بغية الوصول إلى المرسى خلال وقت قياسي، ليتصدّر عناوين الصحف... فجرى ما جرى!
وهكذا، يحضرنا الغرور الذي بات يتمركز في عقول بعض النجوم والنجمات وأذهانهم، الذين يتباهون بمحبة الناس لهم، غير آبهين بأن مَن كان وراء شهرتهم، وقبل أيّ كان... كان صحافة بلدهم!
للأسف، تتناسى بعض نجمات الفن، اللبنانيات قبل العربيات منهنّ، أن الصحافة اللبنانية هي الأولى في الإعلام العربي، وأن الإعلام في لبنان، مع احترامنا لجميع البلدان، لطالما كان الركيزة الأساس في انطلاق النجوم العرب حتى وصولهم إلى النجومية. لقد بات عدد منهنّ يغضّ النظر عن وجود أهل الصحافة اللبنانية فيخرج من الأبواب الخلفية لئلّا يزعجه وجودهم ويأخذ من وقته الثمين الذي سيمضيه في تناول العشاء الفاخر مع أصحابه، كما فعلت إحدى النجمات منذ أيام عندما غادرت صالة السينما، لأنها بقيت فيها ولم تزر بقية الصالات عملًا بالمثل القائل: "ناس بسمنة وناس بزيت"، وخرجت من الباب الخلفي مسرعة، لتنشر بعد وقت قليل صورة تجمعها بصديقتها المذيعة على العشاء!
ولأن معظم الصحافة اللبنانية صمتت، بل عمدت بعض الأقلام إلى التطبيل لها وتولّي مهمة الدفاع المستميت عنها، خوفًا أو طمعًا، عاودت تكرار الأمر بعدما خرجت من المؤتمر الصحافي دون أن تجول بين ضيوفها أو تلقي التحيّة عليهم، ناسية أنهم صحافيون ومن المفترض أنهم ليسوا مجرّد معجبين، والأدهى أنها لم تعد إلى الصالة إلا بعد مرور أكثر من ساعة بعدما رضخت للصحافيين المصريين الذين أبدوا استياءهم من تصرّفها غير اللائق، فانصاعت لرغبتهم خوفًا من غضبهم وأقلامهم.
هذه النجمة، ليست الوحيدة التي تتعامل مع الصحافة اللبنانية بهذه الطريقة، لكنّ المستغرب أنها لم تكن يومًا كذلك، وأذكر أنها لطالما كانت قريبة من الصحافة التي أنصفتها عندما غدر الزمن بها، فما الذي تغيّر اليوم؟!
ومن منا لا يذكر تلك النجمة المصرية التي غادرت المؤتمر الصحافي الذي تشارك فيه لمجرّد أن صحافية لبنانية طرحت سؤالًا لم يعجبها، فأدارت ظهرها لجميع الصحافيين اللبنانيين الذين لطالما رفعوا من شأنها...
وهنا لا بد من التساؤل: هل باتت الصحافة اللبنانية مكسر عصا لدى بعض النجمات اللبنانيات والعربيات أم أن عقدة التايتانيك لا تزال غارقة في أغوار تفكيرهنّ وغرورهن؟!
منقول من موقع نواعم

ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق